عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف } رواه الترمذي .

(رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَاد ِ) [آل عمران/191-194]
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

نور الايمان

نور الايمان

رشحنا

شــبــكــة نـور الــإ يــمــا ن

الأحد، 13 نوفمبر 2011

الشيخ ياسر برهامي التلاوات الدروس المرئيات الفتاوى المقالات الكتب

الدولة: مصر

ولد الشيخ حفظة الله في محافظة الإسكندرية في 25 صفر 1378 هـ الموافق 9/9/1958م، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة في عام 1982م كما حصل ماجستير طب الأطفال عام 1992م من جامعة الإسكندرية، حصل على ليسانس الشريعة الإسلامية عام 1999م من جامعة الأزهر.

بدء العمل الدعوي وطلب العلم في المرحلة الثانوية. شارك الشيخ في العديد من المجالات الدعوية بداية من تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، حيث قام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة إلى حين إيقافه سنة 1994م

وللشيخ مؤلفات عديدة مسموعة ومقروءة وأول كتاب له هو كتاب فضل الغني الحميد عام 1980م، درّس هذا الكتاب في أول ملتقى بشاب الدعوة السلفية عام 1981م وبعده كتابي منة الرحمن وكتاب لا إله إلا الله كلمة النجاة وكتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر وكتاب تأملات في سوره يوسف وكتاب قراءة نقدية لبعض ما ورد في كتاب ظاهرة الإرجاء والرد عليها وكتاب فقه الخلاف.وقام بالتعليق على العديد من الكتب مثل شرح كشف الشبهات وكتاب أقوال الفعال واعتقادات خاطئة.

أيضا قام بالمشاركة في كتابة مقالات مجلة صوت الدعوة إلى حين إيقافها سنة 1994م.


يقوم الشيخ بشرح كتاب صحيح مسلم بشرح النووي وكتاب فتح الباري وتفسير ابن كثير وكتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية وكتاب شفاء العليل وكتاب إعلام الموقعين لابن القيم وكتاب العقيدة الوسطية.
كما أن للشيخ مجوعات علمية صوتية كاملة مثل قضايا الإيمان والكفر وفقه الخلاف ومشروعية العمل الجماعي والرد على كتاب الإرجاء والعقيدة في الصحابة و شرح منة الرحمن وشرح فتح المجيد و شرح معارج القبول

وغيرها الكثير .

موقع فضيلة الشيخ : صوت السلف

"السلمي".. اتحاد الدويلات المصرية ذات النظام المدني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن المتفق عليه أن الديكتاتورية هي أسوأ نظام حكم، ولكن ما هي أسوأ صورها؟

مِن وجهة نظري: إن الديكتاتورية التي تلبس ثوب مشاركة الشعب في الحكم (الشورى أو الديمقراطية) هي الأسوأ على الإطلاق؛ لأن "الديكتاتور المتخفي" يجيد التهرب من المسئولية، ويلقيها على الشعب الذي يزعم أنه قد استشاره!

ولهذه صور متعددة ألصقها في الذهن صورة "النظام السابق" الذي كان يأتي بأصحاب المصالح ليمثلوا الشعب شاء أم أبى!
تجلت آخر صورها في "مجلس عز" منزوع المعارضة، وقبله كان أستاذه "صفوت" يكتفي "بأغلبية مريحة" قادرة على تمرير أي قرار أو قانون! تاركًا بعض مقاعد للمعارضة تبدي بها شيئًا من آراء "الشعب الحقيقي" حتى إذا جدَّ الجَد، وحانت ساعة التصويت؛ لا يجد وقتها "فتحي سرور" أي عناء في عد غنماته؛ لأن "الأغلبية المريحة" تضمن له أن يقول: "موافقة".. هكذا دون عد!


وأما "القذافي": فاختار صورة أن يستشير الشعب كله "هيلا بيلا" عبر آليات نظن أنها سوف تبقى سرًا أبد الدهر؛ ليخرج بعدها بـ"قراراته الجماهيرية"!

وبالطبع لا بد لكل ديكتاتور من حدث تاريخي يمثل المشروعية التي يحكم بها حتى ولو تَخفى وراء شعار: "كلنا بنحبك يا ريس"، كما هو الحال للـ"ضربة الجوية الأولى" في حالة "مبارك"، و"قيادة الثورة الليبية" في حالة "القذافي".
ويبدو أن نمط الديكتاتور المتخفي قد أعجب كل مَن يتولى منصب "نائب رئيس وزراء مصر" بعد الثورة؛ سواء كان "الجمل" أم "السلمي"! وهكذا وبدون ضربة جوية أولى، ولا ثانية، خرج علينا الدكتور "علي السلمي" بوثيقة، قال: إنه استشار فيها منظمات المجتمع المدني، والنقابات، و.. و..

ولولا الملامة؛ لخرج علينا بالهتاف الذي كان أتباع الحزب الوطني المنحل يرددونه: "إن الأجنة في بطون أمهاتها تهتف لوثيقة علي السلمي".


وعندما اعترض المعترضون على الوثيقة الدستورية من حيث الشكل؛ لأنها ببساطة ليست دستورية! وسأل السائلون عن الحكمة من إقرارها دون انتظار للمسار الذي حدده الإعلان الدستوري الذي تولى هو بموجبه منصبه؛ برر العجلة أن البرلمان القادم سوف يسيطر عليه تيار واحد، ومِن ثَمَّ سوف يحتكرون كتابة الدستور!

ولا أدري: أين عشرات الأحزاب، ومئات النقابات، و.. و.. الذين قاربوا في زعمه أن يمثلوا إجماعًا وطنيًا؟!
الحاصل أن: الدكتور "علي السلمي" يُمثـِّل بتلك الوثيقة ديكتاتورية فشلت حتى في ارتداء "الثوب الديمقراطي"، فإذا استصحبنا أن هذه الديكتاتورية تتم في الدستور الذي لا ينبغي أن يأتي إلا باستفتاء شعبي عرفنا ما تستحقه هذه الوثيقة مِن وصف، إذن ففكرة هذه الوثيقة من حيث المبدأ فكرة بالغة السوء؛ بحيث إنهم لو عرضوا علينا أن نكتبها بأيدينا لرفضنا؛ لأننا باختصار نريد دستورًا سليمًا من الناحية الإجرائية.


طبعًا من حق أي قوة أو مجموعة قوى أن يصدروا وثيقة تمثلهم يخاطبون بها الرأي العام، وأما أن يتبنى "مجلس الوزراء" لوثيقة فضلاً أن يطالب "المجلس العسكري" بإصدار إعلان دستوري بها؛ فهذه هي الديكتاتورية بعينها!

ولكن السؤال: هل هناك ما هو أسوأ من فكرة الوثيقة؟
الإجابة: نعم. إن مضمون وثيقة الدكتور "السلمي" أسوأ بكثير من فكرتها، وسقطاتها أوضح من أن تعد.
ولكن سوف نكتفي هنا بأمرين:
الأول: النص على مدنية الدولة.
الثاني: تمزيق الدولة.
أما الأول: فنافح الدكتور "علي السلمي" عن مدنية الدولة "منافحة الأم عن ولدها"، ورغم ما قرره غير واحد -ومنهم غير الإسلاميين- على أن هذا مصطلح غير علمي، منهم: الدكتور "ضياء رشوان"، ورغم اعتراض الإسلاميين عليه على أساس أن كلمة المدنية إذا أضيفت إلى الدولة لا تعني إلا "الدولة اللا دينية"، لا سيما وأن هناك مَن يصرح بهذا، مثل: "أحمد عبد المعطي حجازي"!

ورغم أن "وثيقة الأزهر" وجدت حلاً عمليًا للمسألة حين نصت على أن دولة مصر: "دولة دستورية قانونية، وطنية حديثة، مرجعية التشريع فيها هي الشريعة الإسلامية". وهي صياغة كما ترى جمعت كل ما يحويه وصف المدنية من فضائل في ذات الوقت التي ابتعدت فيه عن شبهة اللفظ الذي يوهم اللا دينية، وهي طريقة شرعية علمنا الله إياها حين قال: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْ[ا} [البقرة:104], ورغم حضور الدكتور "السلمي" بنفسه مناقشات "وثيقة الأزهر"؛ إلا أنه ما زال يصر عليها، بل صرح أنها غير قابلة للمناقشة، ثم بعد ذلك يدعو الإسلاميين للمناقشة!


ثم جاءت الصيغة النهائية لتعلن صاعقة، وهو تراجع الدكتور عن تعبير "دولة مدنية" إلى تعبير "نظامها مدني"، وهي صياغة تستوجب منا أن نغلق كل هذه المناقشات الدستورية لنحتكم إلى مجمع اللغة العربية -"ولولا اعتبارات السن والوجاهة لقلت نعود إلى صفوف الدراسة المبكرة جدًا جدًا"- لنسأل أهل العربية ومدرسيها ودارسيها عن تلك "النكتة اللغوية"، وهذه "العطية السلطانية" التي يأمل معها "مولانا السلطان" أن نقبل الوثيقة بعد ما تفضل وتكرم، وجعل نظام الدولة مدنيًا بدلاً من أن يجعل الدولة ذاتها مدنيًا!

والذي فات "صاحب تلك النفحة"، و"صائغ تلك التحفة": أن الذي يُعنى بوضعه في الدستور، هو: "نظام الدولة"، فتعبير دولة مدنية إذا ورد في وثيقة دستورية فهو يكافئ تمامًا تعبير: "دولة نظامها مدني".

وأما أكبر أخطاء تلك الوثيقة على الإطلاق فهو: "إقحام وصف موحدة"، في قوله: "مصر دولة ديمقراطية موحدة"، وكان يمكن أن نحسن الظن ونقول: إن الخطأ هنا هو الخطأ العكسي تمامًا لخطأ تغيير تعبير "الدولة المدنية" إلى "الدولة التي نظامها مدني"، فنقول: إن معد الوثيقة قد يكون قد استحكمت العجمة من قلمه ولسانه؛ فلم يدر الفرق بين "الواحدة" و"الموحدة"، وأن بوسعنا أن نحمل القضيتين إلى مجمع اللغة العربية؛ فيُقضى بيننا وبين المحرر الأعجمي لوثيقة الدكتور "علي السلمي".

إلا أن تمام الوثيقة قد أفصح أن كاتبها قد أصابت العجمة قلبه وعقله، فظن أو تمنى أو.. أو.. ثم وجد طريقه إلى وثيقة دستورية أُريد لها أن تعد بليل، وأن تكتسب مشروعية الدساتير الشعبية؛ فمرر تلك الكلمة التي يبدو أنه يدرك معناها، ويعرف مغزاها، فقام بدسها في الوثيقة على أساس أن رافضي الوثيقة سوف تسحر أعينهم عبارة: "الدولة التي نظامها مدني"، ولن ينتبهوا إلى أن "السوس" في طريقه إلى الدولة ذاتها -حدودها الجغرافية- بعد ما ظن أنه قد أكل نظامها فأراده عالمانيًا، وقد أراده عامة سكانها إسلاميًا.

والدليل على ذلك: أن الوثيقة قد تولد عنها في صورتها الأخيرة وثيقة اختيار الهيئة التأسيسية فنزعت عن البرلمان المنتخب حق استكمال الدستور بعد ما نزعت الوثيقة الأم عنه حق وضع المبادئ الأساسية للدستور، وواضح أن صاحب فكرة الدولة الموحدة هو نفسه صاحب تلك الفقرة الإبليسية، والتي احتوت عليها الوثيقة الثانية، والتي تنص على أن: "الأماكن ذات الطبيعة الثقافية الخاصة يجب أن يكون لهم حضور وتمثيل في الهيئة التأسيسية". وقد حددت الوثيقة تلك الأماكن (سيناء - الوادي الجديد - للنوبة - حلايب وشلاتين) يعني الشرق والغرب والجنوب هي في حس واضع الوثيقة مناطق ذات طبيعة ثقافية خاصة، ولم يبق إلا أن يخرج علينا مَن يستنكر استئثار الشمال بوضوع الدستور ووظائف الدولة إلى آخره.. "يعني السودان شمال وجنوب وغرب".


وفي حدود علمنا أن أهم مقومات الثقافة هي: "الدين واللغة"، وهذه الأماكن يتكلم أهلها العربية و95% منهم بالإسلام كسائر أنحاء مصر، بل ربما كانت نسبة الإسلام فيهم تقارب المائة بالمائة، وحتى غير المسلمين فقد قالها "مكرم عبيد" قديمًا، و"رفيق حبيب" حديثًا: "أنا قبطي الديانة مسلم الثقافة".

ولا أدري ما الذي حدا بكاتب الوثيقة أن يعتبر أن هذه المناطق ذات طبيعة خاصة: هل لأنهم يرتدون الجلباب؟! فإن 70% من شعب مصر يرتديه، ونحن -بحمد الله- نرتدي كل ما أباح الله، والذي مِن أحبه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القميص الذي نسميه في اللغة الدارجة جلبابًا أو جلابية.

أم هل لأن لهم بعض العادات الخاصة في مناسباتهم الاجتماعية؟! فإن لكل محافظة في مصر بعض التميز في العادات بما لا يرقى قط إلى أن يُسمى تميزًا ثقافيًا، ولو كان هذا تميزًا؛ فدونك السكين فاعملها في الوطن مشرقًا ومغربًا، ومقبلاً ومدبرًا، حتى لا تدع فيه قرية ولا نجعًا إلا وعزلته عن الوطن الأم ثقافيًا، ثم بعد الثقافة تأتي السياسة التي ينبغي أن تكون مرآة للثقافة، وما لم يقتطع بالسياسة قطعته الأمم المتحدة التي تعمل على تمزيقنا!

فيا صاحب فكرة الدولة الموحدة: إن إقليم مصر عندما انضم إلى دولة الخلافة الموحدة احتفظ بحدوده كإقليم واحد داخل تلك الدولة الموحدة، وعندما جاءت "سايكس - بيكو" لتقسم المغرب العربي إلى دويلات: (المغرب - تونس - الجزائر)، وتقسم الشام إلى دويلات: (سوريا - لبنان - الأردن - فلسطين) لم تستطع أن تفعل مع مصر إلا أن فصلت عنها الأقاليم الموحدة معها، وآخرها: "السودان" لتترك مصر دولة واحدة عبر التاريخ.

والآن وقد أصبح العالم الغربي يريد نصرًا بلا حرب، ولكن فقط تمرير لفظ يَسير له دلالاته، وسابقة دستورية لها ما بعدها، يقتنع به مسئول في الدولة أو يدسها له مستشار أعجمي، أو خبير في شئون الدساتير المدنية، والمطلوب من القوى السياسية أن توقِّع؛ وإلا قيل -كما نسب في تصريح-: "إن الجميع موافق فيما عدا الإخوان، والسلفيون، والجماعة الإسلامية، والأحزاب ذات المرجعية الدينية، وحزب الوسط".

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.


22-شوال-1432هـ 20-سبتمبر-2011

المصدر: موقع صوت السلف

عدالة الإسلام

عدالة الإسلام
الكـاتب: جمال المراكبي
المختار الإسلامي


العدل من الأسس التي عليها عمار الكون، وصلاح العباد، لذا حث عليه الإسلام، وجعله أساسًا للحكم بين الناس: {لَقَدْ أَرْ‌سَلْنَا رُ‌سُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25].

والله سبحانه وتعالى هو الحكم العدل المقسط، فهو سبحانه لا يحكم إلا بالحق، ولا يقول إلا الحق، ولا يقضي إلا بالحق: {وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: ٢٠].

وقد نفى سبحانه الظلم عن نفسه، وحرمه على عباده، فقال تعالى: {وَمَا رَ‌بُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيد} [فصلت: 46]، وقال في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» [رواه مسلم، كتاب البر والصلة (2577)].

والله سبحانه وتعالى هو الحكم الملزم حكمه كونًا وشرعًا، وشرائعه سبحانه عدل كلها، فلا خير إلا فيها، ولا عدل إلا بها: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلهِ أَمَرَ‌ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [يوسف: ٤٠].

والإمام العادل هو الذي يتبع أمر الله وحكمه، فيضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط، وكل ميل عن الشرع فهو ميلٌ عن العدل وإقرار للظلم الذي هو ظلمات يوم القيامة.

ودستور المسلمين يحث على العدل والإحسان، وينهى عن المنكر والبغي: {إِنَّ اهَإِ يَأْمُرُ‌ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْ‌بَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ‌ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُ‌ونَ} [النحل: 90].

ويأمر الحكام بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل، ويحث الرعية على طاعة أولي الأمر: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ‌كُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرً‌ا . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّ‌سُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ‌ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُ‌دُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّ‌سُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‌ ذَٰلِكَ خَيْرٌ‌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 58، 59].

ويحث على العدل في المقال - القول- والعدل في الفعل - العمل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَ‌بِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرً‌ا فَاللهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا} [النساء: 135]، {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْ‌بَىٰ وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا} [الأنعام: 152].

والتزام العدل واجب حتى في الفتن والاقتتال بين المسلمين: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَ‌ىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ‌ اللهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين} [الحجرات: 9].

وواجب على المسلمين أن يلزموا العدل حتى مع الأعداء، فلا تكون عداوتهم وبغضهم سببًا في ظلمهم؛ لأن المسلمين هم حملة المنهج الرباني الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليقيم العدل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِ‌مَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَ‌بُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ‌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

ولما رأى المسلمون ما حدث بقتلاهم يوم أحد من تمثيل قالوا: "لو أصبنا منهم يومًا من الدهر لنزيدين عليهم"، فأنزل الله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْ‌تُمْ لَهُوَ خَيْرٌ‌ لِّلصَّابِرِ‌ينَ} [النحل: 126] [رواه عبد الله بن أحمد، والطبراني، وقال ابن حجر في الفتح: وقد ذكر روايات ضعيفة في هذا الباب، وهذه طرق يقوي بعضها بعضًا (ج7 ص430)].

وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة العدل والإمام العادل في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل» [متفق عليه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» [مسلم 1827]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر» [الترمذي 1329، والبغوي في شرح السنة (ج10 ص65)، وقال: حسن غريب].

بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر يخرص عليهم ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يقدموا إليه رشوة ليرفق بهم، فقال لهم: "والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم"، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض [أبو داود وابن ماجه بسند حسن، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً].

وجاء جعدة بن هبيرة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، يأتيك الرجلان أنت أحب إلى أحدهما من أهله وماله، والآخر لو يستطيع أن يذبحك لذبحك فتقضي لهذا على هذا؟ فقال علي: إن هذا شيء لو كان لي فعلتُ، ولكن إنما ذا شيء لله [ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة علي ج8 ص6].

وفي أول خطبة لعمر بن عبد العزيز بعد توليه الخلافة حمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد: فإنه ليس بعد نبيكم نبي ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب، ألا إن ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة، وما حرم الله حرام إلى يوم القيامة، ألا إني لست بقاضٍ ولكني منفذ، ألا إني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا إنه ليس لأحدٍ أن يُطاع في معصية الله، ألا إني لست بخيركم ولكني رجلٌ منكم، غير أن الله جعلني أثقلكم حملاً" ثم ذكر حاجته [ابن سعد في الطبقات ج5 ص250].

ففي هذه الخطبة التي تعتبر نموذجًا لالتزام العدل ودستورًا للحكم؛ بيَّن عمر الأسس التي سيقوم عليها حكمه:
1- اتباع شرع الله وتنفيذه على الكافة.
2- اتباع سنن الهدى ونبذ الابتداع.
3- لا طاعة لمخلوق في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.
4- لا يتميز الوالي عن رعيته بشيء فهو منهم وليس بخيرهم، وقد يكون بينهم من هو خيرٌ منه.
5- إيمان الإمام بما عليه من أعباء جسام وهو مسئول عنها أمام ربه وأمام رعيته وكل ذلك سبيل لتحقيق العدل والرفق بالرعية.

وإعمالاً لهذا المنهاج كان عمر يقول للناس: "الحقوا ببلادكم فإني أذكركم في بلادكم وأنساكم عندي، ألا وإني قد استعملت عليكم رجالاً لا أقول هم خياركم، ولكنهم خيرٌ ممن هو شرٌ منهم، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له عليَّ، والله لئن منعت هذا المال نفسي وأهلي ثم بخلت به عليكم، إني إذًا لضنين، والله لولا أن أنعش سنة أو أسير بحق ما أحببت أن أعيش فواقًا" [1] [ابن سعد (ج5 ص253)].

عدالة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز:
لقد كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يرى استصلاح ما فسد من حال الرعية بالعدل، وبما دلت عليه الشريعة، وليس باللجوء إلى ألوان القهر والإذلال والقوانين الاستثنائية.
ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء عن يحيى الغساني قال: "لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل، قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقةً ونقبًا، فكتبت إليه أعلمه حال البلد وأسأله: آخذ الناس بالظنة، وأضربهم على التهمة، أو آخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة؟" فكتب إليَّ عمر أن آخذ الناس بالبينة وما جرت عليه السنة، فإن لم يصلحهم الحق، فلا أصلحهم الله.
قال يحيى: "ففعلت ذلك، فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقة ونقبًا".
وكتب الجراح بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز: "إن أهل خراسان قومٌ ساءت رعيتهم، وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن في ذلك.
فكتب إليه عمر: أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فقد كذبت، بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم، والسلام" [تاريخ الخلفاء وقد عزاه لابن عساكر].

والعدالة التي نعنيها ليست فقط العدالة القانونية التي يعبر عنها بالمساواة، وإنما هي العدالة الشاملة التي تعم الحاكم والمحكوم على حد سواء، وتشمل العدالة الاجتماعية والاقتصادية وكفالة حقوق الأفراد وحرياتهم.

هذه هي عدالة الإسلام تضمنها شريعة الإسلام، فهل من أوبة وهل من رجوع: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُ‌وا بِالْمَعْرُ‌وفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ‌ وَلِلهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ‌} [الحج: 41]، {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْ‌تَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِ‌كُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ‌ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
--------------------
هامش:
[1] الفواق: زمن حلب الناقة، وقيل ما بين الحلبتين.

الدعوة السلفية مَن نحن ؟ وماذا نريد؟

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمع إشراقة عيد الفطر المبارك نتقدم إلى كل مسلم ومسلمة بأعز التهاني بهذا العيد الذي أتانا وقد أزاح الله عن بلادنا نظام الظلم والطغيان البائد، وأراح العبادَ من شر طغمة أفسدت في الأرض وصدت عن سبيل الله وابتغت السبيل عوجًا؛ فأزال مالكُ الملك ملكَهم ورئاستَهم، سائلين الله تعالى أن يهيئ لأمتنا أمرَ رشد؛ يُعَزُّ فيه أهلُ طاعته ويُهدَى فيه أهلُ معصيته، ويُؤمَر فيه بالمعروف ويُنهَى فيه عن المنكر، وأن يُوَلِّيَ أمورَنا خيارَنا مِن الذين قال فيهم: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41)، ولا يُوَلِّيَ أمورَنا شرارَنا، وأن يجعل ولايتَنا فيمن خافه واتقاه وآمن به واتبع شريعتَه وسنةَ نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ونسأله سبحانه أن يتقبل منا ومن كل المسلمين الصلاةَ والصيامَ والزكاةَ وسائرَ الأعمال، وأن يعفو عنا ويغفرَ لنا ويرحمَنا وينصرَنا على مَن بغى علينا.

وننتهز هذه الفرصة لنقدم للجميع جوابًا على السؤال الذي يقفز إلى ذهن الكثيرين ممن سمع عنا ولم يسمع منا:

مَن نحن؟ وماذا نريد؟

نحن جماعة من أبناء هذا الوطن -مصر الحبيبة- رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا، ندعو إلى الله سبحانه؛ إلى عبادته والإيمانِ به؛ تحقيقًا لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) متبعين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء بالإسلام كدين شامل كامل ينظم حياةَ الفرد والأُمَّة والدولة؛ في الظاهر والباطن، في العقيدة والعبادة والمعاملة والخلق والسلوك (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام)، نريد العودة إلى الإسلام كما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبيضَ نقيًّا بلا شوائبَ ولا بدع كما فهمه وطبقه السلف الصالح من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومَن تبعهم بإحسان؛ الذين نحبهم ونتولاهم ونبغض مَن يبغضهم وبغير الخير يَذكُرهم. ونريد استئناف حياة إسلامية لبلادنا ولكل المسلمين في الأرض لتحقيق الإسلام والإيمان والإحسان.

ففي العقيدة والإيمان:

ندعو إلى توحيد الله -سبحانه- بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ولا شريك له في الهيئة ولا كفءَ له في أسمائه وصفاته وأفعاله:

فهو وحده المتفرد بالخلق والرزق والتدبير (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنعام:17).

وهو وحده المتفرد بالملك (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26)، وقال: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (فاطر:13).

وهو وحده الذي له الأمر والحكم والتشريع (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54)، وقال: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (يوسف:40)، وقال: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21)؛ فلا نرضى أبدًا بحكم يخالف شرعَه الذي أوحاه إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتمِ النبيين الذي لا يقبل الله مِن أحد صرفًا ولا عدلاً إلا بالإيمان به واتباعه واتباع النور الذي أنزل معه -القرآن العظيم-.

والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان ونصرة الدين ومتابعة أهله وعدم طاعة الكفار والمنافقين من أصول الإيمان.

وهو سبحانه وحدَه الذي يستحق العبادة بكل أنواعها؛ فلا نركع إلا لله ولا نسجد إلا له ولا ندعو غيرَه ولا نذبح لغيره.

ونحارب البدع والخرافات التي تدعو إلى الغلو في الصالحين وصرف العبادة لهم ولقبورهم.

وهو سبحانه له الأسماء الحسنى؛ الرحمن على العرش استوى، الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. ندعوه بأسمائه ونحبه مِن كل قلوبنا ونخافه ونرجوه ونتوكل عليه ونتجنب البدع.

ونؤمن بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر على ما جاء في الكتاب والسنة.

وفى العبادة والعمل:

نتبع سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونحارب البدع كلَّها، ونسعى إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في الأمة كلِّها، وكذا صوم رمضان والحج، وندعو إلى تجنب الحرام في المعاملات والأعمال، فلابد أن تُضبَط الدنيا بالدين؛ فنرفض الربا -ومنه فوائد البنوك الربوية- والرشوةَ التي دمرت المجتمع والميسرَ -القمار والغرر- وثمنَ الخمر والخنزير والميتة والأصنام، وكلَّ بيع أو إجارة ثبت النهي عنها في الكتاب والسنة أو أعانت على معصية الله.

وفى الأخلاق والسلوك:

نرى أن تَقَدُّمَ الأمة ورفعتَها في عودتها للتمسك بالأخلاق الفاضلة التي جاء بها الإسلام -وأصلها مراقبة الله والإخلاص له-؛ فنأمر ببر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والعاملين وغض البصر وحفظ الفرج وصدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعقود وتعظيم حرمات المسلمين والمعاهَدين والمستأمَنين مِن غيرهم، وننهى عن سفك الدماء وغصب الأعراض، والأموال ونسعى إلى حل المنازعات بين الناس بشرع الله، ونحارب الخمر والمخدرات والزنا والتجارة والعمل في كل ذلك وما يعين عليه.

وفى السياسة وأنظمة حياة المجتمع:

نسعى إلى إقامة دين الله في الأرض وسياسة الدنيا به وإيجاد فروض الكفاية كلِّها:

- مِن نظام تعليم:

يرتقي بأبناء الأمة ويُخَرِّج لنا أجيالاً تفهم دينها وتعمل به وتُكَوِّن كفاءات في جميع مجالات الحياة -مِن طب وهندسة وفيزياء وزراعة وصناعة وكلِّ الأنشطة الإنسانية- تقود الأُمَّة إلى النهوض من رقدتها وتضعها أمام كل الأمم.

- ومِن نظام إعلامي:

واعٍ يقوم على الصدق والأمانة وتوضيح الحقيقة ومحاربةِ المبادئ المخالفة للشرع والشهوات المغوية والشبهات المضلة.

- ومِن نظام قضائي:

عادل يقوم على القسط الذي شرعه الله، وجزءٌ منه نظام العقوبات الإسلامي؛ مِن حدود وردت في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بضوابطها الشرعية وتعزيرات لردع المفسدين، وهذه كلها لا تخيف أحدًا مِن أهل الخير والصلاح بل بها تقوم السماوات والأرض؛ لأنها العدل وليس ما اخترعه البشر من عقوبات أو قضاء بخلاف الشرع ما جرَّ على الناس إلا مزيدَ الفساد للمجتمع ونشرَ الظلم والمنكر فيه.

- ومِن نظام اقتصادي:

يهدف إلى تحقيق التكافل بين الطبقات الاجتماعية بلا غنى مطغٍ ولا تسليطٍ لرأس المال ولا فقرٍ مُنسٍ يقهر الطبقات الفقيرة الكادحة، بل يجد كلُّ واحد كفايتَه ويتقاسم الناس فيه الخير والرخاء والثروات بنظام الزكاة، ويتجنب النظام الربوي وأنظمةَ الميسر والقمار المتفرعةَ عنه، كما يحافظ على الملكية الخاصة ويمنع مصادرة الأموال بغير حق طالما اكتسبها صاحبُها بالحلال مهما بلغت طالما أدى ما عليه، كلُّ هذا مع الانفتاح على العالم -وأَوَّلاً العالم العربي والإسلامي- لتحقيق الخير للأمم والشعوب في ظل الشرع.

- ومن السياسة الخارجية وفى مجال الحرب والسلم:

فلابد من تقوية الجيش الذي يدافع عن الدين والبلاد والعباد، ويحافظ على الكرامة، كما نفي بالعهود والمواثيق ولا نغدر ولا نخون.

-ومِن النظام الاجتماعي:

ندعم المحافظة على الأسرة، ونؤكد على حق المرأة والضعيف كما ورد في الشرع لا على حسب أهواء الغرب ومنظماته الهادمة لمبادئ الشريعة، كما نسعى إلى وجود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير كما أمر الله، ونؤكد حقَّ اليتيم والأرملة والمسكين.

ونعرف لغير المسلمين من أهل الكتاب حقَّهم؛ أن لا يُكرِهَهم أحدٌ في دينهم (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (الأعراف:54)، وهم جزء من المجتمع له حقوقه وعليه واجباته كما شرع الله لهم في أحوالهم الشخصية مِن زواج وطلاق ونحوه أن يتحاكموا إلى شرائعهم طالما لم يختلفوا، فإذا اختلفوا واحتكموا إلينا حكمنا بينهم بشرع الله، كما لا يُمنعون من ممارسة شعائرهم في بيعهم وكنائسهم ولا مِن أكل ما اعتقدوا حِلَّه كخنزير أو خمر على أن لا تكون في الأسواق والأماكن العامة، ونأمر بالعدل معهم والبر والإحسان لمن لا يحارب المسلمين في الدين، ونرى جواز البيع والشراء والإجارة والشركات والمضاربات وسائر الأنشطة التي أحلها الله، ولهم دورهم في بناء المجتمع والدولة، وهم مسئولون عن ذلك مع المسلمين وإن لم يتولوا الولايات العامة التي تهدف إلى إقامة الدين؛ فلا يُتصوَّر أن يتولاها مَن لا يؤمن بهذا الدين، ونحفظ حرمةَ دمائهم وأعراضهم وأموالهم امتثالاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قتل معاهَدًا لم يَرَح رائحةَ الجنة)، وندافع عنهم كما ندافع عن المسلمين في ذلك كله، وقد قمنا بذلك بحمد الله أثناء الثورة -باركها الله-.

فهذه هي السياسة الشرعية التي نريد أن توضِّح للناس نموذجًا يختلف عن كل النماذج التي رأوها أو سمعوا بها؛ لأن مرجعيتها كانت على خلاف الشرعية، ومرجعيتنا في المشاركة السياسية الشريعةُ الإسلامية التي نريد المحافظة على هُوية الأمة بالتمسك بها وتفعيلها؛ حتى تتحول كلُّ التشريعات إلى ما يوافق الوحيَ المنزَّل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فهذه خطوط عريضة لحقيقة دعوتنا وأهدافنا، ووسيلتُنا في تحقيق ذلك ما أمر الله من التعاون على البر والتقوى، وجماعتُنا ترى لزومَ ذلك والاجتماعَ عليه في كل المجالات بما في ذلك مجال المشاركة السياسية من خلال الأحزاب التي تقوم على مرجعية الشريعة وتتعاون معًا لتحقيق الهدف المنشود.

أعاد الله الأعيادَ على أمة الإسلام كلِّها بالنصر والتمكين والعز والكرامة، ورَفَعَ عنها الظلمَ والعدوان.

اللهم احفظ بلادنا آمنة مطمئنة رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين.

تقبل الله منا ومنكم.

الدعوة السلفية

www.salafvoice.com
موقع صوت السلف


قائمة المدونات الإلكترونية